السبت، 3 ديسمبر 2011

حكومة "الإنقاذ" تبحث عن "منقذ"


أكد الدكتور كمال الجنزوري رئيس حكومة الانقاذ أن هناك إعادة نظر في بعض الترشيحات للحقائب الوزارية.
حسم الدكتور كمال الجنزوري رئيس الحكومة المكلف 23 حقيبة، وعلق إعلان أسماء المرشحين لـ7 حقائب وزارية لحين الاستقرار علي اسم المرشح لحقيبة «الداخلية» والحقائب المؤجلة هي الإسكان والتنمية المحلية والطيران المدني والنقل والاستثمار والشباب والرياضة وشئون المصابين.
التقي الجنزوري خلال الساعات الماضية عددا من المرشحين للداخلية بينهم اللواء عبدالرحيم القناوي واللواء محمد إبراهيم يوسف كما ترددت أسماء كل من اللواء نشأت الهلالي واللواء محمد صلاح زايد واللواء حامد عبدالله.
وعكف «الجنزوري» في مكتبه قبل أن يتوجه إلي المجلس العسكري للتشاور بشأن المرشح لوزارة الداخلية المعول عليها العودة السريعة للأمن وإعادة هيكلة جهاز الشرطة، وتلبية مطالب ائتلافات الضباط والأمناء المتعلقة بتطوير الجهاز.
ويواجه الجنزوري مشكلة اختيار وزير مدني لوزارة الطيران لأول مرة منذ تأسيس الوزارة استجابة لمطالب العاملين في الوزارة.
وعلمت «الوفد» أن أداء اليمين الدستورية قد يتأجل إلي اليوم «الأحد» حتي يتمكن «الجنزوري» من حسم الحقائب الحائرة، المتبقية في وزارته. وكان «الجنزوري» قد واجه ليلة أمس الأول معارضة حادة من العاملين في وزارات الزراعة والبترول والري والاتصالات بسبب الابقاء علي الوزراء القدامي، كما اعترض العاملون في قطاع الإعلام علي الابقاء علي الوزير الحالي.
ورد عليهم «الجنزوري»، وأكد أن الفرصة مازالت أمام الوزراء لتنفيذ برامجهم خلال المرحلة المقبلة.
وشهدت اللحظات الأخيرة لتشكيل حكومة الدكتور كمال الجنزوري تخبطا في اختيار عدد من الوزراء، وغموضا في اختيار آخرين، وتراجعا عن ترشيح بعض الأسماء والتأكيد علي اختيارات معينة، خاصة الوزراء الجدد. كما شهد التشكيل الوزاري مفاجآت، حيث لم يعلن عن بقاء وزير الإعلام أسامة هيكل سوي قبل نصف ساعة من لقائه بالجنزوري، رغم أن التوقعات كانت تشير إلي خروجه كما شهدت اللحظات الأخيرة تراجع «الجنزوري» عن ترشيحات لحقيبة «الداخلية» وكان مرشحا لها اللواء محمد يوسف واللواء عبدالرحيم القناوي ثم ظهر اسم اللواء نشأت الهلالي، واضطر «الجنزوري» إلي تأخير حسم مقعد الوزارة. وحدث الشيء نفسه، عندما ترددت عدة أسماء لتولي حقائب تأخر الإعلان عنها حتي أمس بسبب حيرة «الجنزوري» بين المرشحين الجدد والقدامي للوزارات وساد الغموض مصير وزارات الإسكان والتنمية المحلية والطيران المدني والنقل، وكذلك مصير وزارات عادت مرة أخري، وأكد عليها رئيس حكومة الإنقاذ، مثل الاستثمار وقطاع الأعمال والشباب والرياضة وفوجئ الجميع بقرار «الجنزوري» إنشاء وزارة للآثار.
ووقعت أثناء تشكيل الحكومة مواجهات مع «الجنزوري» أثناء دخوله وخروجه المتكرر مبني وزارة التخطيط مع عدد من شباب الثورة، وشباب عدد من الوزارات يطلبون تغيير الوزير، كما حدث في الزراعة والبيئة والبترول واستمع «الجنزوري» ولم يستجب لهم، وصمم علي بقاء وزيري الزراعة والبترول، في حين استجاب لشباب البيئة وجاء بوزير جديد.
وشهدت عملية التشكيل ارتباكا واضحا في تسمية وعدد الوزارات، وفي حالة اضافة وزارة للشباب إلي جانب الاستثمار يصير العدد النهائي لوزراء الجنزوري 30 وزيرًا، وحافظ الجنزوري علي وزارء سابقين لديهم ولاء للنظام السابق، وكانوا فاعلين في نظام مبارك، وبالتالي فإن تشكيلة وزرائه عبارة عن «كوكتيل» من جيل الوسط والثورة والفلول والاكاديميين، وتأخر «الجنزوري» في المجيء برموز من شباب الثورة وميدان التحرير، حتي الدقائق الأخيرة قبل أداء اليمين الدستورية، وحتي صباح أمس لم يكن قد تم الاستقرار علي أسماء وزراء شباب الثورة، وتحمل الجنزوري العبء الثقيل عندما وعد بالمجيء بـ3 علي الأقل من شباب ميدان التحرير، وأبقي «الجنزوري» وزارات الشباب والنقل والتنمية المحلية والإسكان والاستثمار، ليختار من يناسب من الشباب من حيث التخصص والخبرة في هذه الوزارات وأكد مصدر مسئول لـ«الوفد» أن تأخر «الجنزوري» في حسم مصير هذه الوزارات كان سببه مراجعة ترشيحات سابقة لعدد من الشباب، أبرزهم د. المعتز بالله عبدالفتاح الذي رشح لوزارة الشباب في وقت سابق.
وخالف الجنزوري ما وعد به، عندما قال إن عدد وزرائه في حدود 32 وزيرًا، وأنه سوف يضيف 4 حقائب وزارية جديدة، ونسي أن عدد وزراء شرف 27 وزيرًا فقط، وبالتالي تسقط وزارة في منتصف الطريق بين الاثنين.. ونصح «الجنزوري» الوزراء الجدد والقدامي بالهروب من مواجهة الصحفيين، وراهنوا علي برودة الطقس ليلة أمس الأول، لكنهم فوجئوا بالعشرات في انتظارهم علي باب الوزارة ونجح معظم الوزراء في التسلل إلي سياراتهم بالاستعانة بالأمن والمراسم تنفيذا لتعليمات الجنزوري، وشعر الصحفيون بالاستياء من المعاملة وعددم اهتمام رئيس الحكومة المكلف بتخصيص مكان لائق لممارسة نشاطهم بدلا من وقوفهم في الشارع ما يزيد علي أسبوع!!
عملية فك وتركيب حكومة «الجنزوري» الثانية جاءت سهلة، فقد أبقي علي مسميات معظم الوزارات كما هي، لكنه استبدل التضامن الاجتماعي بالتموين والتجارة الداخلية وإعادة وزارات من عهود سابقة مثل الاستثمار وأضاف إليها قطاع الأعمال كما أعاد «الشباب والرياضة، والتأمينات والشئون الاجتماعية».
وتتصاعد الانتقادات للحكومة الجديدة، ويتزايد الهجوم علي وزراء باقين وغير مرحب بهم في وزاراتهم مثل الزراعة والبترول والإعلام والري، ووزراء جدد جاءت أسماء بعضهم مفاجأة مثل جمال العربي للتربية والتعليم وشاكر عبدالحميد للثقافة ونجوي خليل للتأمينات، ووزراء أثبتوا كفاءة في مهامهم، وحدث رضا عنهم مثل وزراء السياحة والاتصالات والصناعة والأوقاف.




الإخوان والكنيسة حولوا الاقتراع لمعركة دينية


تبدأ بعد غد انتخابات الإعادة على المرحلة الأولى لبرلمان الثورة، والتى شابها العديد من المخالفات بشهادة اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات
التى أكدت استبعاد 90 صندوقًا فى دائرة القاهرة الأولى من الفرز، فضلاً عن فقد 15 صندوقًا وتلف 75 أخري كانت أوراقها مبعثرة وبعضها لم يستخدم فى قسم شرطة الساحل.
ورغم ارتفاع نسبة الاقبال على التصويت إلى 62٪ وهى نسبة لم تصل إليها مصر على مدار تاريخها، إلا أن نتائج المرحلة الأولى تؤكد أن المخالفات كانت عاملاً رئيسيًا فى تفوق تيار الاسلام السياسى الذى ورث كثيرًا من أساليب النظام السابق فى كيفية إدارة الانتخابات، لتحقيق مصالحه بغض النظر عن مخالفة القانون.
فقد خالف حزبا «الحرية والعدالة» التابع للإخوان و«النور» السلفى قانون الانتخابات، وأدت تصريحات الكنيسة بدعم مرشحى الكتلة إلى تحويل المرحلة الأولى من الانتخابات إلى معركة دينية.. وما بين ممارسات التيار الدينى واعلان الكنيسة ضاعت معركة الانتخابات لاختيار النائب الأفضل، وأصبح الاختيار وفقًا لمن يرفع شعارًا دينيًا.
لقد حاول التيار الدينى تغييب عقول الناخبين، وحشدت جماعة الإخوان والسلفيين أتباعهم من مختلف المحافظات للمشاركة فى توجيه الناخبين فى محافظات المرحلة الأولى، فوقف أتباع الطرفين يرددون عبارات «لاتنس الله فى اللجنة» وهو تصرف جاء بنتيجة أدت إلى تصويت كثير من الناخبين لصالح تيار الاسلام السياسى.. فهل يمكن أن تستمر هذه المخالفات فى مرحلة الإعادة والمرحلتين الثانية والثالثة من الانتخابات؟ يرى المراقبون أن شائعة تصويت الكنيسة لصالح مرشحى الكتلة، تم استغلالها أسوأ استغلال من التيارات الدينية لتتحول الانتخابات إلى جنة ونار، بل أن البعض يذهب إلى أبعد من ذلك مؤكدين أن الكنيسة تفهم معنى اعلانها جيدًا، كما أنها أطلقت هذه التصريحات لعملها بأن الإخوان والسلفيين سوف يعملون عليها، وبالتالى تتأكد نظرية اضطهاد الأقباط فى مصر.
ويؤكد المراقبون أنه رغم تقدم تيار الاسلام السياسى فى المرحلة الأولى، إلا أنه من المبكر اصدار حكم نهائى على البرلمان القادم إلا بعد انتهاء المرحلة الأخيرة، وحساب نسبة جميع الأحزاب، لأن المصريين يعلقون أمالاً كبيرة على المجلس القادم فى إرساء دولة مدنية حديثة يتمتع فيها الجميع بالمساواة فى الحقوق والواجبات.
قال المستشار رفعت السيد رئيس نادى قضاة أسيوط إنه يجب على اللجنة العليا للانتخابات أن تتجاوز الأخطاء التى وقعت فى المرحلة الأولى من انتخابات البرلمان خاصة فى عمليات الفرز وعدد القضاة المشرفين على اللجان.
وأوضح «السيد» أنه يجب فرز الصناديق فى اللجان الفرعية طالما يترأسها قاض وهو فى النهاية من سيقوم بعملية الفرز فى اللجان العامة، لأن نقل الصناديق إلى اللجان العامة يحقق المثل الشعبى «ودنك منين يا جحا». وأضاف يجب على اللجنة العليا للانتخابات أن تخفض عدد الناخبين بكل لجنة بحيث لا يتجاوز 500 ناخب فقط، مشيرًا إلى أنه من الأفضل أن تجرى انتخابات المرحلتين الثانية والثالثة فى سرادقات خاصة فى النوادى والأماكن المتسعة بالأرياف بدلاً من المدارس.
وأوضح أن السرادقات تتسع لمئات اللجان الفرعية، وهو ما يقلل من حجم استخدام التيارات الدينية للدعاية أمام اللجان للتأثير على أصوات الناخبين. وأكد السيد أن التيار الدينى لم تكن له أغلبية فى صعيد مصر، مشيرًا إلى أن شائعة تصويت الكنيسة لصالح مرشحى الكتلة أدى إلى تصويت الناخبين للتيار المقابل، وبالتالى تحول الانتخابات إلى حرب دينية أدت إلى نتائج المرحلة الأولى.
وأوضح أنه رغم مخالفات حزبى الحرية والنور لقوانين الانتخابات، إلا أنه على أرض الواقع لا يمكن محاسبة المرشحين على تصرفات أنصارهم أمام اللجان فى توجيه الناخبين.
وقال السيد يجب على الإخوان والسلفيين والكنيسة أن يتقوا الله فى مصر، لأن الانتخابات يجب أن تكون لاختيار الأفضل وليس وفقًا للانتماء الدينى الذى سيؤدى فى النهاية إلى إشعال فتيل الفتنة الطائفية وتدمير البلاد.
من جانبه أكد حسين عبدالرازق عضو المكتب السياسى بحزب التجمع  أن جميع المخالفات التى شهدتها المرحلة الأولى جاءت نتاج انهيار الدولة المصرية، مشيراً الى أن عدم احترام القوانين أصبح ظاهرة فى الفترة الحالية وهو ما جسده تيار الاسلام السياسى فى الانتخابات. وأضاف ان الاختصاصات القاصرة للجنة العليا المشرفة على الانتخابات تسببت فى تجاهل المخالفات التى شابت العملية الانتخابية. مشيراً الى انه كان يجب منح اللجنة حق شطب المرشح الذى يخالف القوانين وعلى رأسها استخدام الشعارات الدينية للتأثير على الناخبين. وأوضح عبدالرازق ان تقدم تيار الاسلام السياسى ممثلاً فى الاخوان والسلفيين جاء بسبب الامكانات المادية الهائلة فضلاً عن إقحام الدين فى الترويج لمرشحيهم كما انهم قدموا أنفسهم باعتبارهم الضحايا الوحيدين لنظام مبارك السابق. وطالب عضو المكتب السياسى لحزب التجمع التيارات المدافعة عن الدولة المدنية بتوحيد صفوفها فى المرحلتين الثانية والثالثة لمواجهة تيارات الاسلام السياسى وكشف حقيقته أمام الناخبين مؤكداً ان من يراجع البرنامج الاقتصادى للاخوان فسوف يجده قائماً على سياسة الحزب الوطنى المنحل الذى جوع المصريين وأفقرهم ونهب خيرات البلاد.




8 ديسمبر.. حكم التحفظ على أموال سالم


 قررت محكمة جنايات الجيزة  اليوم برئاسة المستشار محمدى قنصوة حجز حكم التحفظ على أموال وممتلكات رجل الأعمال الهارب حسين سالم الموجود حاليًا فى أسبانيا، وأسرته لجلسة 8ديسمبر  .
كان جهاز الكسب غير مشروع قرر التحفظ على أموال رجل الأعمال حسين سالم وزوجته نظيمة عبد الحميد وأبنائهما خالد وماجدة وأسرتيهما أيضا.
وكشفت التحقيقات أن سالم ثبت تورطه فى قضية غسل أموال، حيث ورد إخطار من أحد البنوك يفيد تلقى حساب المتهم مبلغ 14 مليون دولار أمريكى من شركة ميدتيريان جاز وتم إعادة المبلغ للبنك مرة أخرى لضخامته وعدم الوقوف على مصادره الشرعية .

وثبت من الفحص قيام سالم فى 12 يوليو ببيع جزء من حصص مساهمته فى شركة شرق البحر الأبيض المتوسط وبيع عدد من أسهمه بها بقيمة 13 دولارا للسهم ، لإخفاء عملية تلقى المبلغ موضوع الاتهام على حسابه .
وأوضحت التحقيقات أن المتهم حوّل 8 ملايين دولار أخرى إلى حسابه بشركة فكتوريا بإدارة الفنادق المملوكة له واستبدل هذا المبلغ بما يعادله باليورو ثم سحبه على دفعتين، وأنشأ وأفراد عائلته العديد من الشركات لكى يستخدمها كغطاء لنقل وتحويل الأموال فيما بينهم.

وأشارت تحقيقات النيابة إلى أن نجل حسين سالم تلقى تحويلات على حسابه فى الخارج بمبلغ 28مليون جنيه من الشركات التى يمتلكها هو ووالده، وقام بتحويلها إلى ما يعادلها باليوريو ووضعها فى بنك كريدى سويس السويسرى, وحول خالد حسين سالم 5 ملايين يورو أخرى على حسابه ببنك أبو ظبى بدولة الإمارات.





38 دعوى ببطلان الانتخابات


تنظر الآن الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار عبد السلام النجار، نائب رئيس مجلس الدولة أكثر من 38 دعوى قضائية تطالب ببطلان إعلان نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية بالدائرة الأولى ومقرها قسم شرطة الساحل، وكذلك الدائرة الخامسة التى تضم "السلام – المطرية – عين شمس – المرج".
ومن المقرر أن تصدر المحكمة أحكاما قضائية هامة فى هذه الدعاوى التى أقامها عدد كبير من المرشحين الذين طالبوا فيها ببطلان إعلان نتائج الانتخابات وإجراءات الفرز لما شابها من مخالفات جسيمة، وكذلك إيقاف قرار الإعادة المقرر لها يومى 5 و6 من الشهر الجارى.



الأمن سينتشل البلد من مستنقع السلاح


أكد الدكتور «إبراهيم البحراوى»، الخبير الاستراتيجى فى الشئون الإسرائيلية، فى حواره  أن إسرائيل وضعت مؤخراً خطة تنموية شاملة لسنة 2028
الهدف منها وضع إسرائيل بين الدول العشر إلى الخامسة عشرة الكبرى، ونحن مازلنا منقسمين بين ثوار ميدان التحرير ومؤيدى ميدان العباسية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
مطالباً حزب الوفد بأن يقوم بدور الوساطة بين المجلس العسكرى وثوار ميدان التحرير، واصفاً الوفد بالقوى الرشيدة العاقلة القادر على التدخل بحكمة بما يمثله من نبض فى عروق الأمة المصرية وما يملكه من قوة ناعمة ذات توجه ليبرالى يهدف إلى عدالة اجتماعية، وانتصاره الدائم لوحدة الأمة بعنصريها «المسلم والمسيحى» وهذا الدور يكون من منطلق هذا الرصيد الشعبى لينشئ حواراً بين العسكريين وثوار التحرير وإلى نص الحوار.
> أعلنت إسرائيل عن خطة استراتيجية لسنة 2028 تنقلها نقلة نوعية بين العشر دول الكبرى.. ما هذه الخطة؟
- هذه الخطة تبنى عملية التقدم فى جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية من خلال هذه الخطة.. ورصدت أوجه الضعف والقصور فى جوانب الحياة، والقيام على علاجه حتى يمكنها اللحاق بالمستويات الدولية الرفيعة، ولهذا نحن أمام تحد كبير لعناصر القوة الشاملة لإسرائيل والتى تمكنها من ممارسة سياسات الهيمنة وبسط النفوذ وربما التوسع فى منطقة الشرق الأوسط العربية.
> ما طبيعة الخطة الإسرائيلية وآلياتها؟
- تم وضعها بواسطة (73) خبيراً فى التخصصات المتعددة فى الإدارة والاقتصاد والتكنولوجيا والتعليم والبحث العلمى والعدالة الاجتماعية، من الأمريكان والأوروبيين والإسرائيليين باعتبارهم قوى المجتمع المدنى الإسرائيلى وعند اكتمالها طرحوها على مجلس الوزراء فتبناها كخطة عمل تنتهى فى 2028.
> هل الهدف الرئيسى من هذه الخطة هو هدف تنموى؟
- الهدف الرئيسى للاستراتيجية هو الوصول بإسرائيل أن تكون إحدى الدول من العشر إلى الـ15 دولة الأولى الأكثر تقدماً فى العالم.. لأنه توجد خطط سابقة لإسرائيل تنتهى فى 2020 وأخرى تنتهى فى 2035 و2050 وأبعد مدى 2075.
> وما التحدى المطروح على مصر تحديداً؟
- التحدى المطروح علينا فى مصر سيتمثل فى ضرورة دراسة مثل هذه الخطط الاستراتيجية والتعرف على مقاصدها ووسائلها لتحقيق القوة والنمو حتى تكون لدينا القدرة على المنافسة، وبناء مجتمع مصر الثورة على دعائم تمكنه من إحراز التقدم الإنسانى بالمعنى الشامل، لأن إسرائيل تخطط لقدرات وإمكانيات على مدى القرن الجديد بل أتوقع أن تصدر استراتيجية مبنية على الاستراتيجيات السالفة لرسم صورة الدولة ومكانتها فى العالم، وفى الإقليم مع نهاية هذا القرن.
> هذه الخطة هل بها تغيير للشكل السياسى الذى تتبعه إسرائيل؟
- نعم توجد إعادة نظر فى النظام البرلمانى، حيث يلاحظ فى النظام السياسى المطبق فى إسرائيل منذ 1948 وحتى الآن، رغم أنه قد منح الدولة اليهودية حيوية ناتجة عن عملية تداول السلطة بين الأحزاب السياسية من اليمين إلى اليسار وبالعكس إلا أنه أصبح مطلوباً أن يكتسب هذا النظام مزيداً من القوة، ومن هنا اتجه واضعو الاستراتيجية للتفكير فى النظام الرئاسى المختلط الذى يتم فيه انتخاب رئيس الجمهورية يختص بقضايا الدفاع والسياسة الخارجية بينما ينتخب رئيس الوزراء ليختص بالسياسة الداخلية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.. إلخ، وهذا التفكير يعكس حالة من القدرة على مراجعة النفس، وإعادة اكتشاف الإمكانيات ومواجهة النفس بنقد ذاتى يكشف عن جوانب القصور للاندفاع إلى مزيد من التقدم.
> من المعلوم أن إسرائيل تتبنى الرأسمالية.. وذكرت الآن العدالة الاجتماعية فهل هذا توجه اقتصادى آخر؟
- هذا التوجه من جانب واضعى الاستراتيجية الإسرائيلية وهم من المؤمنين بالاقتصاد الحر أو الرأسمالى، ولكن ظهر توجه يرفض الرأسمالية المتوحشة التى تقبض على الثروة الوطنية لصالح أقلية حاكمة أو مرتبطة بالنظام الحاكم وهو توجه جاء بشكل صريح وبألفاظ بسيطة حتى يصل إلى كل الناس، حيث تقول الاستراتيجية فى الطبعة العبرية صفحة (41) تقوم وجهة نظر هذه الاستراتيجية على الإيمان باقتصاد السوق وميزاته مع رفض التوجه النيوليبرالى فيما يتصل بدور الحكومة فى الاقتصاد، وذلك ببناء اقتصاد حر ومتوازن وعادل ويتمتع بعاطفة إنسانية، ويعتمد على قدرات الشعب الثقافية والعلمية والتكنولوجية، وعلى ثراء رأس المال البشرى.. وأعتقد أن هذا التوجه يصلح لبناء نظامنا الاقتصادى بعد ثورة 25 يناير، ونذكر فى الأعوام الأخيرة كان النظام البائد يتباهى أنه قد حقق نسبة نمو 7٪ وكنا نعلق أن النمو محبوس فى قلة حاكمة وأتباعها من رجال الأعمال المقربين له، وأنه كان يعتمد على نمط فى الرأسمالية خبيث يزيد تمزق الوطن، ويخلق فجوات واسعة بين شرائحه الاجتماعية، ويهدد أهم عناصر الأمن القومى والاستقرار وهو عنصر الرضا الاجتماعى والتقارب بين الطبقات.
> ولهذا ذكرت فى الوفد قبل ثورة يناير أن كعكة النمو يلتهمها رجال الأعمال.. كيفية تفادى هذه الممارسات؟
- أولاً بناء حكم ديمقراطى رشيد وشفاف وقابل للمحاسبة من الجماهير، لأنه بدون هذا الشرط يشعر الحكام بأنهم مطلقو الأيدى فى الثروة الوطنية فيؤثرون أنفسهم وعائلاتهم وأصدقائهم بها، بل يوجهون الاستثمارات لخدمة هذه الدائرة الضيقة التى تصنف على أنها رأسمالية (الأورلجاكيه) أى القلة الحاكمة.. فالحكم الديمقراطى يكفل حرية تدفق المعلومات عن سلوك الطبقة الحاكمة، وأوضاع الاقتصاد الوطنى، فإننا نقطع الخطوة الأولى نحو بناء نظام اقتصادى يحقق العدالة الاجتماعية.
> وماذا عن إتاحة الفرص المتكافئة للتنافس؟
- هذه خطوة ثابتة بإيجاد فرص متكافئة للتنافس بين المواطنين الراغبين فى ممارسة العمل الحر والتعاقد على مشروعات مع الحكومة أو غيرها، لذلك فإن غياب عنصر تكافؤ الفرص يؤدى إلى الفساد الذى كان قائماً فى السابق عندما كانت تتم خصخصة ممتلكات الدولة فى الظلام لصالح أشخاص محددة، وينتهى الأمر إلى إيجاد احتكارات فى القطاعات المختلفة مثلما رأيناه فى قطاع الحديد لصالح «أحمد عز»، وأيضاً يؤدى إلى حصول صاحب النفوذ أو المدعوم ممن لهم النفوذ على الفرص الاقتصادية بدءاً من التعاقد على تنفيذ المشروعات الحكومية أو الحصول على أراضى الدولة أو الحصول على التراخيص اللازمة للمشروعات، مما يؤدى إلى تركيز الثروة الوطنية والفرص الاقتصادية فى أيدى قلة محدودة وهو ما ينسف أساس اقتصاد السوق القائم على المنافسة المتكافئة.
> أين دور الحكومة فى هذه المنظومة؟
- دورها يتمثل كمنظم للاقتصاد ومانع للاحتكار وضامن لحرية تداول المعلومات، وقائم على تطبيق حق تكافؤ الفرص، وهذا الدور الحكومى يكون فى برنامجها الانتخابى الاقتصادى القائم على تحصيل الضرائب بشكل عادل، وتوجيه هذه الحصيلة لبناء شبكة خدمات اجتماعية وصحية ذات كفاءة عالية وميسرة للخدمات الاجتماعية والصحية تمثل جوهر الاقتصاد المتوازن القائم على الحرية الاقتصادية وعلى عدالة التوزيع، حتى تستطيع الحكومة أن تخلق مجتمع الرفاهية، ويحصل الإنسان على حقه فى التعليم الجيد الذى يؤدى إلى الوصول للوظائف ذات العائد المجزى والقدرة على المنافسة فى الأسواق.. والتخطيط لتمكين التلميذ فى أولى مراحل التعليم ليصبح عنصراً بشرياً متقدماً ومؤهلاً وقادراً للحصول على فرصة حياة أفضل بل والمنافسة فى سوق العمل الدولية.
> إذن ترى أن التعليم هو المشروع القومى لمصر؟
- بالتأكيد فإذا كان هدفنا الارتقاء بالإنسان واستمتاعه بعوائد تقدمه وتميزه، على اعتبار أنه ثروة وطنية مصرية، ورأس المال البشرى الثمين لمصر، فإن بوابتنا هى التعليم والارتقاء به وبجودته، ولعل الشباب المتخرج فى الجامعات الحكومية يضطر إلى الحصول على كورسات فى اللغات والكمبيوتر ليجدوا مكاناً فى سوق العمل تؤكد أننا فى حاجة إلى تأهيل خريج الجامعة من خلال تطوير برامج التعليم الجامعى الذى كان خريج الجامعات المصرية خاصة القاهرة وعين شمس والإسكندرية يقبل كطالب دراسات عليا فى أعظم الجامعات الدولية دون أى اختبار حتى السبعينيات، واليوم يضطر أبناؤنا إلى عمل معادلات ليقبلوا فى الأعمال فى بعض الدول العربية التى تطلب منهم إعادة تأهيل، إذن التعليم هو المشروع الذى يطلق قوة مصر ويرفع من شأن ثروتها البشرية، إذا عدنا لدور الحكومة فى العدالة الاجتماعية.
> كأحد خبراء التعليم كيف نرتقى بالتعليم ومراحله؟
- أولاً الخطوة الأولى والتى تعتمدها جميع الدول هو اعتماد نسبة مرتفعة من إجمالى الدخل القومى وتخصيصها للتعليم، ولا تعتبر هذا الإنفاق استهلاكية بل اعتباره استثماراً استراتيجياً يؤدى إلى تعظيم قيمة الثروة البشرية، وهنا يمكن وضع الخطط الفنية المعروفة للعالم كله والبديهية وليس فيها أية أسرار للارتقاء بالمدرسة ومرافقها ومعلميها وإدارتها، وأدواتها التعليمية، والارتقاء بالظروف الإنسانية والاجتماعية والرياضية والغذائية والإبداعية للطالب وهذا يتفق عليه المتخصصون فى شئون التعليم.. وبتوفير الموارد المالية يمكن التغلب على مشكلة التكدس حتى لا تزيد نسبة الفصل الواحد على 20 تلميذاً وهو المقبول دولياً مع تغطية جميع المحافظات وليس العاصمة.
> وماذا عن التعليم الجامعى والبحث العلمى؟
- إذا توفر المال استطعنا تطوير الحياة الجامعية بدءاً من توفير حيز مكانى مناسب للأستاذ بدلاً من تكدس (10) أساتذة فى غرفة مساحتها 20 متراً مربعاً أى 2 متر لكل أستاذ جامعى!! ثم نطالبهم بأن يتقابلوا مع الطلبة ويتفاعلوا معهم ويتشاوروا فى القضايا العلمية والإشراف على الرسائل العلمية.. فبأى منطق نطالبهم بهذا؟!! فلابد من توفير القاعات اللازمة للدراسة التى توفر حيزاً إنسانياً مقبولاً للطلاب الذين يفترشون الأرض أثناء المحاضرات، وأحياناً لا يستطيع الطلبة ولا الأساتذة أن يتنفسوا لشدة التزاحم وسوء التهوية.
أضاف إلى ذلك مستوى المراجع العلمية والمكتبات والمعامل والبحوث الميدانية، حينها سنكتشف أن التمويل هو مفتاح الحل لهذه المشاكل والإسرائيليون ليسوا أكثر عبقرية منا فى اكتشاف نظم التعليم ولا فى كيفية تطويرها، الفرق الوحيد أنهم فى استراتيجية 2028 منحوا التعليم مزيداً من الاعتمادات.
> كيفية تحقيق جودة تعليمية لكثافة طلابية مع قلة موارد للتعليم؟
- فى المجتمعات المتشابهة مع ظروفنا يوجد منهج يقوم على إيجاد جزء للتميز أى إقامة مدرسة نموذجية فى كل محافظة وتقبل أفضل الطلاب من حيث المستوى الدراسى والذكاء العام، والقدرات ومن هنا يمكننا التغلب على مشكلة الموارد التى لا تسمح بإقامة المدارس المتميزة فى كل محافظة.. فنبدأ بمركز تنمية يجذب جميع المتفوقين ويتم التوسع فيه بالتدريج كلما زادت الموارد المتاحة. وأعتقد أن هذا النموذج قابل للتطبيق فى مصر نظراً للكثافة الشديدة، وزيادة الأعداد التى لا تتوقف.. وهذا النموذج قابل للتوسع على مستوى الجامعات أمام مشكلة رغبة المصريين عامة فى الالتحاق بالجامعات، وأيضاً النظرة الدونية للتعليم المهنى سواء اجتماعى أو زراعى أو تجارى وهذه مشكلة اجتماعية سيكولوجية فى حاجة إلى معالجة بالتوعية والترغيب فى التعليم الصناعى والتكنولوجى.. إلخ، وأيضاً فتح أنساق التعليم بعضها على بعض أى عدم غلق أبواب التعليم الجامعى أمام طالب الدبلوم المتوسط وهذا سيقلل من نفور الطلبة والعائلات من الالتحاق بالتعليم المتوسط وعدم النظر له نظرة دونية.
> كيف ترى الفترة الانتقالية؟
- دعنا نبدأ فى تحقيق مبدأ يرشدنا إلى التفكير وهى أن طبيعة المراحل الانتقالية بعد الثورات تتسم بكثير من خلافات الرأى والعواصف والشد والجذب بين القوى السياسية المتصارعة على الحكم وعلى الثروة الوطنية، سواء كانت قوى جديدة نشأت بعد الثورة أو قوى قديمة مستقرة فى تاريخ المجتمع.. وهذا المبدأ يفسر لنا ما يحدث الآن، فالقوى الجديدة يمثلها ميدان التحرير وهؤلاء الذين فجروا الثورة ويرفضون مطالب محددة، والناحية الأخرى لدينا قوى تقليدية قديمة يمثلها المجلس العسكرى الذى يعتبر من أقدم مؤسسات القوى فى مصر تاريخياً من حيث الوظيفة، كما أن أعضاءه الحاليين هم من القوى الكلاسيكية المصرية سواء بعامل السن التى تفرقهم كثيراً عن شباب الثورة.. أو بحكم الأفق الذهنى الذى تربوا عليه منذ الستينيات، وبين شباب التحرير الذين تربوا على أفق العالم المفتوح والحداثة، ومفردات الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
> لكن توجد قوى أخرى لها أدوار فى المشهد السياسى؟
- توجد قوى ثالثة وهى الأحزاب القديمة والنخبة السياسية التقليدية التى تستطيع التكيف مع أى نظام حكم لتؤدى دورها الوطنى ولتحقق مصالحها فى الوقت ذاته، وما أقصده بمصطلح القوى التقليدية هو مثقفو الدولة الذين ينشأون على مبادئ رفيعة، ويتطلعون إلى خدمة الوطن بكل إخلاص.. ثم يكتشفون أن قدراتهم على خدمة الوطن لا يمكن أن تتحقق بدون الدعم الحكومى ومن هنا يعتبرون الحكومات المختلفة باعتبارها وسيلة لتنفيذ بعض طموحاتهم، وأحلامهم الوطنية.. ودائماً يستشهد صديقى الصحفى أحمد الجمال فى هذا الصدد بـ«على مبارك» المهندس المصرى الذى بنى القاهرة الحديثة مع الخديو «إسماعيل» والذى بدون دعم الخديوى مجرداً من القدرة على التأثير أو التنوير أو التخطيط لصالح الوطن.. وهؤلاء موجودون فى الأحزاب ومرشحو الرئاسة الحالية من الموظفين السابقين التى ينطبق عليهم هذا التوصيف.
> وأين التيارات الدينية وفلول الحزب الوطنى؟
- هؤلاء هم القوى الرابعة المحركة والمؤثرة، وهى قوة النظام السابق والمتمثلة فى قيادات الحزب القديم والتى حققت لنفسها نفوذاً وثروة مازالت تخشى عليها، وأيضاً أتباع النظام من رجال الأعمال ورجال الإدارة الذين انتفعوا من الاقتراب منه.. أما الإخوان المسلمون أذكر أننى كتبت فى مقال فى 2005 وجهته لـ«مبارك» وأنهيته بعبارة (سيادة الرئيس حاور الإخوان أو اعتقلنى معهم) وهذا كان رداً على حملة اعتقالات غير مبررة على الإخوان.. ولهذا الإخوان جزء من المشهد السياسى المصرى ومن حقهم أن يتواجدوا ويتحركوا فى الحرية السياسية.. ولكن فى الوقت ذاته من حقنا عليهم أن يتصرفوا مع سائر القوى المصرية تصرفاً منسقاً مع قواعد المجتمع الديمقراطى، وإذا كنا رفضنا إقصاءهم فى السابق، فإننا نطالبهم اليوم بعد استرداد مكانتهم أن يشيعوا ثقافة الحوار والتفاهم والحلول الوسط بدون تشدد أو إقصاء لأحد كما يقتضى العمل السياسى الهادف لصالح الأمة والبعيد عن الاحتكار ومحاولة الاستئثار بالسلطة.
> يوجد استقطاب بين القوى المختلفة فى التحرير وبين القوى التقليدية؟
- هذا يتخلص فيما يسمى مطالب التحرير والتى تتركز فى المطالبة بحكومة إنقاذ وطنى برئاسة شخصية من الميدان تشكل مجلساً رئاسياً مدنياً، والتعجل بنقل السلطة إلى سلطة مدنية.. وعلى الجانب الآخر نجد مظاهرات ميدان العباسية وتطالب بالإبقاء على المجلس العسكرى والالتزام بالجدول الزمنى الذى وضعه المجلس، وقبول حكومة د. كمال الجنزورى ونلاحظ حالة استقطاب شديد، وماذا لو تمسك كل طرف بمطالبه دون أن تظهر قوى رشيدة عاقلة وقادرة على التدخل بحكمة لبناء جسر من التفاهمات والوصول إلى أرضية مشتركة تحقق مطالب العسكريين بدرجة مقبولة؟! أعتقد ستوجد خطورة من هذا.
> ترى من القادر على القيام بدور الوسيط بين ميدان التحرير وبين المجلس العسكرى؟
- أعتقد أن حزب الوفد مؤهل لأن يقوم بدور الوسيط بين الطرفين بما يمثله من نبض أثير فى عروق الأمة بتاريخه منذ «سعد زغلول» باشا كقوة تحرر وطنى ضد الاحتلال البريطانى، وكقوة ليبرالية تنحو نحو العدالة الاجتماعية.
وتنتصر لوحدة الأمة بعنصريها (مسلمين ومسيحيين) وقواها المختلفة.. والوفد بهذا العبق التاريخى عليه أن يستغل قوته الناعمة المتمثلة فى هذا الرصيد لينشئ حواراً بين العسكريين وثوار التحرير.
> وكيف يكون اتجاه الحوار؟
- يجب أن ينطلق من أمر واقع وهو أن المجلس العسكرى قوة رئيسية تعمل فى الساحة السياسية المصرية بسلطات رئيس الجمهورية وهى سلطات وردت فى التعديل الدستورى الذى تم الاستفتاء عليه.. وبالتالى فإن أى طرف يحاوره عليه أن يبدأ بالاعتراف بالشرعية التى يتمتع بها المجلس العسكرى، أولاً كحام للثورة ثم كصاحب السلطات الرئاسية فى التعديل الدستورى، وهذه الشرعية لديها قوة المدافع والنيران، ولابد من السعى إلى نقطة وسط لا تقوم على إقصاء المجلس العسكرى أو تخوينه أو التسفيه منه فهذا يؤدى إلى استفزازه وإلى ردود أفعال غير حميدة.
> هذا حق المجلس العسكرى فماذا عن حق الثوار؟
- الوسيط المحاور يجب أن يرتكز على مطامح شباب الثورة الذين ينظرون إلى النموذج التونسى بعدما تم تشكيل مجلس رئاسى مدنى لإدارة البلاد بسلاسة وأوصلها إلى الانتخابات البرلمانية، وهذا يمكن للوسيط المحاور أن يجد له مكاناً على مسرح الحكم بجوار المجلس العسكرى.. فإذا افترضنا وجود مقعد منفرد للمجلس العسكرى كسلطة رئاسية فيمكن أن يشكل جواره مجلس مدنى استشارى يختاره الشباب ويكون شريكاً للمجلس العسكرى فى اتخاذ القرارات.
> من أين يبدأ مفهوم الأمن القومى؟
- له شقان الأول حماية الإقليم من أى خطر خارجى والثانى بناء مجتمع متماسك تسوده حالة الرضا بين الحكام والمحكومين، وتشيع فيه حالة التكافل ومسئولية الدولة تجاه مواطنيها كدولة راعية وليست متخلية عن مسئولياتها والشقان معاً يتكتفان فى بناء مفهوم الأمن القومى، وأصبح من الضرورى زرعه فى العقل المصرى بعد ثورة يناير لعلاج الخلل الشديد الذى لحق بوظائف الحكومة تجاه المواطنين فى السنوات السابقة لحكم «مبارك».
> تحديات الأمن القومى الخارجية؟
- أعتقد بعد الثورة هناك اهتمام أمريكى بتجميد احتمالات انهيار معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الأمريكية فى الوقت ذاته من ناحية ليبيا مؤمنة من الجانب السياسى، حيث هناك سلطة ثورية حريصة على العلاقات الأخوية مع الشعب المصرى، رغم أن ظروف الثورة فتحت أبواب الخطر على مصر من تجار السلاح وعالم الإجرام السفلى الذى يمكن أن يهدد سلامة المجتمع، وهذا يلقى علينا بمسئولية إعادة بناء الأمنى الداخلى بحيث نستطيع السيطرة على ترسانة السلاح المهربة حتى لا يستخدمها عصابات الإجرام أو أى جماعات سياسية متطرفة، أما الجنوب فالارتباك فى العلاقات بين دولة جنوب السودان والشمال يعطينا فرصة بناء دبلوماسية قوية قادرة على التوسط بين الطرفين لأنهما يثقا فى مصر بعد الثورة، إذن فالثورة أعطتنا ميزة فى علاقتنا بدول منابع النيل ويمكن للدبلوماسية الرسمية والشعبية  أن تؤصل بناء جسور ثقة مع إثيوبيا وأوغندا وكينيا لضمان مصالح مصر المائية.
> وماذا عن تهديد الأن القومى بانتقال أمن للسلطة يعد إجراء الانتخابات؟
- هذه هى المشكلة الأكبر والتى أراها مؤثرة على الأمن القومى فى انتقال سلس إلى حكم ديمقراطى فهذا الانتقال هو الذى سيمنح مصر مزايا كثيرة منها ثقة المؤسسات الدولية والمستثمرين الأجانب مما يضخ مليارات من الدولارات فى سوق الإنتاج المصرى تعيد له حيويته وتوفق مساراته.. وإحكام عمليات الأن لسد الطرق على مجموعات البلطجية والإجرام أياً كانت انتماءاتها أو من يحركها.. وتخليص مصر من ترسانة السلاح المهربة.. بناء حالة تماسك وطن بين المسلمين والمسيحيين تكون قادرة على وأد الفتنة فى مهدها.. التعجل ببناء مشروع للنهضة يتخذ من التعليم مركزاً رئيسياً له تحت شعار تنمية رأس المال البشرى المصرى.
> ماذا يقلق د. البحراوى؟
- يقلقنى إعجاب كل ذى رأى برأيه وكنا قبل الثورة نطالب الناس أن يخرجوا من سلبياتهم ويشاركوا بالرأى فى بناء مجتمعهم، وبعد الثورة أصبح الناس يملكون الرغبة فى المشاركة، ويمكننا أن نستمع إلى الجميع لربات البيوت آراء سياسية فى المواقف الكبرى والصغرى.. وهذا جيد لكن ينقصه القدرة على الإنصات والاستماع للآخر والقدرة على النقد الذاتى على تصحيح الرأى بعد الاستماع إلى آراء الآخرين.. ويقلقنى أن الكل أصبح يملك الحقيقة المطلقة، وأن المخالف له فى الرأى لا يفهم شيئاً وهذه آفة فكرية قادرة على تهشيم المجتمع وتمزيق قدرته على بناء تفاهمات وحلول وسط لمشكلتنا، وعلى الإعلام أن يعمل لصالحنا من خلال إرساء قيم وترويج الحوار واحترام الرأى الآخر والانتفاع بتجارب الآخرين وتعديل وجهات النظر هو ميزة وليس عيباً ومصدراً للقوة وليس مصدراً للضعف.
> مصر رايحة على فين؟
- سأبنى موقفى على التمنى لأن المتوقع محكوم بعناصر غير مرئية، ولكن يوجد سيناريوهات مطروحة من الجميع، وكل سيناريو عبارة عن فكرة طائشة فى الهواء لا يمكن الإمساك بها نظراً لغياب المعرفة ببواطن الأمور، مثلاً استمرار المجلس العسكرى فى الحكم وكيف يمكن أن نتثبت من صدق هذا السيناريو؟ بينما هو يعلن عن رغبته فى تسليم السلطة للمدنيين ووضع جدولاً زمنياً للانتخابات البرلمانية والرئاسية؟
سيناريو آخر يتحدث عن احتكار السلطة بالمشاركة بين العسكريين والإسلاميين.. كيف يمكن التأكد من هذا؟ ونحن نلمح انشقاقاً فى المواقف بينهما والسيناريو الآخر يقول: انتقال سلس وآمن للسلطة من خلال الانتخابات، كيف هذا بينما شباب التحرير يرفضون هذا الاتجاه ويصممون على إقصاء المجلس العسكرى فوراً.. وبما أن قدرتنا على ترجيح أى سيناريو هى قدرة محدودة لغياب المعلومات فيمكننا العودة إلى اقتراح الوسيط الحكيم ممثلاً فى حزب الوفد ليقرب بين القوى المختلفة ويأخذ من كل منهما ما يقنع الآخر وينهى على المرحلة الراهنة فى مصر إلى مرحلة من التفاهم التاريخى يتناسب مع قدرة المصريين على الإبداع لأننا لا نريد نموذجاً سورياً أو اليمن يتكرر فى مصر أو يستمر الصراع شهوراً طويلة.. فنريد إعطاء الشباب الذى فجر الثورة فرصة التواجد المؤثر فى البرلمان وهذا لا يجب إغفاله ويمكن إيجاد صيغة من خلال الوسيط المقترح فى صورة تشريع يصور لنا المرحلة الانتقالية حتى لو كان فى شكل كوتة للشباب وبهذا يمكن إيجاد تقارب بين الجيل الكلاسيكى وبين الجيل الجديد، لأنى أعتقد أن أحد أسباب ثورة الشباب الثانية إحساسهم أن فرصة مشاركتهم فى البرلمان فرصة ضعيفة للغاية نظراً لصعوبة الوصول للجماهير، وعدم درايتهم بوسائل العملية الانتخابية.